رياض الواصلين >> المعارف والإشارات >> معان ونظر في لقاء موسى مع الخضر

17 أغسطس 2017 04:47


بسم الله العليم الحكيم
والصلاة والسلام على إمام العارفين وسيد المتقين وآله الأطهار وصحبة الأبرار

أما بعد :

اعلم أن من فروع الرحمة الحنان ومن ثمرات العلم الأدب ومن نتائج الصفاء المحبة ومن أغصان الغرام الدلال ومن نور الصدق ركوب الأهوال ومنازلة الأحوال ومن فعل الشوق الأنين والجراح ومن أثمان الإصطفاء هجوم البلاء ومن مآذن الأرواح ترفع الشكاوى بالنواح

هناك عالم المعاني حيث علائم الصفاء ودلائل الوفاء لا لصّ ولا حسّ , لا خديعة ولا دعوى , لا غش ولا لبس , لا حيلة ولا مكر , لا كيد ولا حقد , لا حسد ولا نكد , لا كبر ولا كفر , لا نفاق ولا شقاق , لا لغو ولا لهو , لا غلّ ولا كلل , لا ملل ولا جدل , لا خيلاء ولا دخلاء ,

هناك حدائق النور ورياض الحبور , سرور بلا انقطاع , آمال متحققة في حلل متجملة , ليس غير الصفاء والأخوّة السمحاء , لا تدابر ولا إدبار , لا ليل ولا نهار , أصيل ظليل وطهر كحيل ..

تحت ظلّ شجرة العرفان حيث تحفظ الحدود وتعطى العهود هناك يتسامر العرفاء ويتناظر الحكماء ويتباسط الأصفياء

كل يعرف حدود مرتبته ومدرجة منزلته من مددها يعبر وعنها يترجم

( قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا )

حيث أُبتُليتُ بك وأُبتليتَ بي فنحن الأصفياء باطنا الفرقاء ظاهرا كلانا في بلاء حيث تحقق مثل هذا اللقاء الذي ما كان أن يكون لولا حصول سهو ونسيان مني لم أستشعره ليقضي فيّ أمرا هو أراده وحكمة هو علمها من حيث عدم رد العلم إليه رغم تحققي بتقييدات علمي ويقيني باطلاقات علمه وايماني المطلق بأنّه العليم الحكيم وايقاني الجازم بأني ما أؤتيت من العلم إلاّ قليلا

ما أراك إلاّ أنه صدر نسيان أو سهو منك وإلا ما بال هذا البلاء الذي أصابك مثلي حيث نزل بساحتك كليم الله ورسوله المستهلك بعد الكلام بقوله ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ )

فدعني أخفف عنك حمل هذا البلاء فأصاحبك في مظهر سائل علم وتابع بتسليم قصد فهم بعد أن حللت بساحتك ودخلت حضرتك سائلا مؤانستك وطالبا مباسطتك

( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا )

وكيف تصبر على عبد مثلي غير معصوم ومتبوع غير مأمون حيث يتصرف تحت سلطان الحقيقة لذلك أشرت إليك بإشارتي الخفية حيث قلت لك منبها عن فقري وعجزي ( لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) أي معي أنا فقط دون غيري من العوام أو الخواص لكوني لم أجمع بين العلمين ولم أوفّق بين الحكمين حكم الشريعة وحكم الحقيقة مناط الكمال في عالم الظهور والخلافة لهذا لعلو منزلة كمالك ومجامع خصالك لا يمكنك الصبر على اتباع مثلي فهل تقيلني من الإمتحان خشية عدم توفية حقوق آداب حضرتك والإخلال بتعظيم منزلتك فماذا ترى ؟

( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا )

لعلوّ معارفك الذاتية وعدم تدنيك إلى معارف التصريفات الصفاتية حيث أشرت لك كونك ( لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) لعلمي أنك تحيط بذلك علما متى قصدت تلك الوجهة التي زهدت فيها من حيث عدم استعدادك لها عند توزيع مهمات الوظائف لأنه لا التفات منك لعلوم التصاريف من حيث قوله في الملمات ( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فهل لي بعد هذا البييان من إقالة ؟

( قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا )

حيث أخذني لطف حديثك إلى الترفق بك في مسألتي منك وطلبي إليك من حيث شفقتي على أهل النسبة وشعوري واحساسي بما أنت فيه من بلاء حيث ترجو الإقالة إذ تخللك حال من جلال علامة على صدق الوقار ودليل شعورك بمهر هذا الحمل من الأثقال فاطمئن البال وسر في أنس وجمال

( قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا )

لا تسألني عن شيء لما في سؤالك من دخول هيبة واجلال يكاد القلب يتفطر منه ولكون السؤال يصدر من التلميذ وأنت الأستاذ والإعتراض يكون من المنكر وأنت الصادق المعتقد الشاكر والصدّيق الشكور الكامل

ألا ترى كيف نسبت الإحداث لنفسي كوني الفاعل وما قلت لك ( حتى يحدث الله لك منه ذكرا ) لتعلم بضعفي رغم صدقي وبقيد معلوماتي رغم لدنية علمي وما أشركت نفسي معك في التعلم خلال صحبتنا حيث ادعيت بعلمي ( حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) ليكون كل ذلك شافعا لحالتي لديك ويكون سترك لما تراه من الخلل والضعف بين يديك فها إني اعتذرت لك عن أفعالي التي ستصدر بحسب وظيفة معلوماتي

يتبع إن شاء الله تعالى

إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:

العودة إلى “المعارف والإشارات”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد