رياض الواصلين >> القرآن و التفسير >> سؤال عن معاني الحور العين في القرآن الكريم

17 ديسمبر 2017 10:41

أحبابنا في هذا المنتدي الرائع - بارك الله في القائمين عليه وفي رواده-

يثور تساؤل وإشكال حول مفهوم ومعني (الحور العين) والذي ورد في كتاب الله تعالي في أكثر من موضع، وكذلك في بعض الأحاديث المروية عن الصادق المصدوق.

يشاغب ويتساءل بعض غير المسلمين عن حقيقة الحور العين؟ ويقولون: هل الجنة هي عبارة عن حياة مشاع..؟ أي من حق أي أحد أن يفعل أي شيء من (متع حسية كالجنس وشرب الخمر والطعام والشراب و...الخ)... إذاً فهل هذه هي الجنة؟

وعلي الطرف الآخر هناك المتطرفون من المخربيين المتمسلفيين أصحاب راية القتال يحفزون أتباعهم بالحور العين وبما يحصل لهم من متع حسية ولذة جنسية غير منتهاه... ومن خلال ذلك وغيرها من الوسائل يستقطبون أتباع لهم محرومون في الدنيا ...

فيا أسيادنا ما رأيكم في ذلك.. ما هو التفسير لمعني الحور العين.. هل هن نساء يتم وطأهن في الجنة لكل مسلم كما يشاء أو لها معاني أخري وقد قرأت في تفسير مولانا الأمام أحمد بن عمر في تفسيره المسمي (التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي) أن الحور العين بمعني: الأعمال الصالحات للمؤمنين تتجسد وتتمظهر بصورة جميلة وراقية وليس ثمة معني للجماع والمتع والقوة الجنسية و...الخ مما هو مشاع عند العامة...
طالب العلم
عضو جديد
مشاركات: 10
اشترك في: 14 ديسمبر 2017 10:52
آخر نشاط: 25 مايو 2019 13:34
مكان: cairo
العمر: 39
اتصال:

18 ديسمبر 2017 01:25

يشاغب ويتساءل بعض غير المسلمين عن حقيقة الحور العين؟ ويقولون: هل الجنة هي عبارة عن حياة مشاع..؟ أي من حق أي أحد أن يفعل أي شيء من (متع حسية كالجنس وشرب الخمر والطعام والشراب و...الخ)... إذاً فهل هذه هي الجنة ؟



جزاكم الله خيرا وبارك فيكم أخي العزيز

في الجواب أقول والله أعلم بالصواب :

ما دخل أهل الإسلام فيما يخطر على قلوب وعقول أهل الكفر من الخواطر الشيطانية والأحاديث النفسية ومن قال لهم أن الجنة مجرد تمتع بنزوات و تحصيل شهوات من أكل وشرب ونكاح .. الخ ثمّ إن ما يتنزهون عنه بزعمهم هم هنا في هذه الدنيا واقعون فيه بل ويتقاتلون عليه فتجد أحدهم مستعد أن يركب الأهوال ويجود بما عنده في سبيل الحصول على شهوة من شهواته كالنساء والمال والبنين والجاه والمنصب والسيارات الفارهة والأكلات الباهضة والملابس الماركة ... الخ

أما إذا عنيت بالطبقة التي تعتبر نفسها نخبة عالمة مفكرة أو متفلسفة من أهل العلمنة والكفر الصريح فأمثال هؤلاء لا يلتفت إليهم ويلقى مثل هذا الحديث منهم في القمامة والمزابل


وعلي الطرف الآخر هناك المتطرفون من المخربيين المتمسلفيين أصحاب راية القتال يحفزون أتباعهم بالحور العين وبما يحصل لهم من متع حسية ولذة جنسية غير منتهاه... ومن خلال ذلك وغيرها من الوسائل يستقطبون أتباع لهم محرومون في الدنيا ...


هؤلاء أيضا لا عبرة بتفكيرهم ولا بما يتعاطوه من الفهم الخاطئ للدين وتفسير مسائله متى علمت أن القرآن يفهمه قارئه بحسب حال قلب القارئ لذا كان القرآن ذا حدين : إما أن يهديك الله تعالى به أو يضلك به في نفس الوقت وهو نفس القرآن ( يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ )

فليس فكر الوهابية في هذا الشأن حالا ربانيا يصدر منهم بل هو حال نفسي لما في النفس من حظوظ ونزوات وشهوات تريد تحصيلها فهم يزهدون في شهوة عاجلة فانية إلى تحصيل شهوة آجلة باقية دائمة ففي الحالتين فما عبدوا في الحقيقة غير شهوات نفوسهم بإسم الدين والقرآن وقد قال تعالى في هذا المضمار ( وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) فأهل الإرادة أنواع ثلاثة :

1- مريد الدنيا
2- مريد الآخرة
3- مريد الله

هذا القسم الثالث هو الذي ختم الله بذكره الآية حيث قال ( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) لأنهم لا يريدون سواه فهم أهل الشكر والمحبة

ما هو التفسير لمعني الحور العين.. هل هن نساء يتم وطأهن في الجنة لكل مسلم كما يشاء أو لها معاني أخري وقد قرأت في تفسير مولانا الأمام أحمد بن عمر في تفسيره المسمي (التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي) أن الحور العين بمعني: الأعمال الصالحات للمؤمنين تتجسد وتتمظهر بصورة جميلة وراقية وليس ثمة معني للجماع والمتع والقوة الجنسية و...الخ مما هو مشاع عند العامة...


تفسير القرآن إشارة لا ينفي أو يزاحم تفسيره على ظاهره فأهل الله تعالى يثبتون ظاهر الألفاظ على ظاهرها بينما يستروحون بعد ذلك في معان أخرى أرق وأرقى فكل عن حاله يتكلم فكما تعلم أن الجنان مراتب وفي كل جنة مراتب أيضا ودرجات فشتان بين درجات الصديقين وبين درجات العامة من الناس لذلك تختلف وتتنوع مفاهيم النعيم بين أهل الإيمان قال بن عطاء الله في الحكمة رضي الله عنه ( النعيم وإن تنوعت مظاهره إنما هو بشهوده واقترابه .. )

فأمثال هؤلاء من العارفين يشهدون في الحور العين ما لا يشهده غيرهم فيهنّ من معاني راقية ورقيقة وفي هذا أسرار منها أسرار قانون اللذة والفر ق بين اللذة النفسية الحيوانية وبين اللذة الروحية النورية

فتؤخذ الآيات والأحاديث في هذا الموضوع على ظاهرها فكما أن للعبد هنا زوجة فلما لا تكون له عدة زوجات من الحور العين في الجنة ؟ ما المانع شرعا أو عقلا ؟ وهل يعني هذا أن الذي يجامع النساء ويتزوج ووو.. الخ هو والحيوان الشهواني سواء ؟ من قال ذلك ؟

ها هم الأنبياء والمرسلون يتزوجون وينجبون البنين والبنات وقد كان للنبي الأكرم عليه الصلاة والسلام أكثر من زوجة فهل كانت معاني زواجه لغرض قضاء الشهوة مجردة عن علاقتها بعالم الأنوار والأسرار ؟

هذا لا يقول به عاقل بل تلك سنة الله في خلقه مادام هناك ذكر وأنثى وما الضير متى خلق الله تعالى الحور العين في الجنة كأزواج لكل مؤمن بحسب درجته ومرتبته في الجنة ؟

مع العلم أن الحياة الأخرى في عالم الآخرة لا تشبه الحياة الدنيا في شيء إلا في الأسماء لكون عالم الجنة عالم معنوي نوراني فهو يختلف عن هذا العالم اختلافا كليا ليست النشأة كالنشأة ولا التصور كالتصور ولا العيش كالعيش كما قال تعالى ( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ ) فهو سبحانه عندما يصف الحور العين ويعد بهن عباده المؤمنين إنما يعدهم من حيث النشأة الأخرى المغايرة لهذه النشأة جملة وتفصيلا فلا تظننّ أن الجنّة هي مثل الدنيا في حقائقها وأسرارها وأنوارها بل هناك العالم عالم نوراني معنوي بحت كما قال تعالى ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا )

من معاني الخمر في الجنة أي السكر والجذب في محبة الله تعالى بينما اللبن للفطرة وهو التوحيد في عالم البقاء وهكذا من معاني الجنان وحقائقها

أما ما قاله الشيخ المفسر فهو يشير إلى معنى من معاني الحور العين ولا ينفي ما فسر به وجود الحقيقة الثابتة في ظاهر صورتها المرئية لكن نعني هنا ظاهرها المعنوي الثابت فالتفسير الإشاري إذا خالف ظاهر المنطوق والمفهوم فهو لا يعتبر تفسيرا إشاريا بل تفسير - مذهب الباطنية - المذموم الذين يصرفون الظواهر عن ظواهرها وهذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل وبيان وهو سهر ويسير على من يفهم الإشارة قبل العبارة والتلميح قبل التصريح

والله تعالى أعلم

إلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّــــي
يَظُّنُ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ الخَلقِ إِن لَم تَعفُ عنّـي
صورة العضو الشخصية
على الصوفي
عضو نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 21 إبريل 2017 03:15
آخر نشاط: 02 يناير 2022 12:51
اتصال:


العودة إلى “القرآن و التفسير”

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد